الحلقة الأولى
أحمد شرجي :
قبل الدخول في عالم ادولف ابيا وكوردن كريك، اللذان قادا ثورة شكلية في منظور الشكل المسرحي على مستوى الضوء والموسيقى والديكور ورسومات المناظر، بعد ان اعتاد المسرح على نقل الواقع فوتغرافيا الى خشبة المسرح، صور لاتستفز المخيلة، بل تساهم في خمولها ومحدوديتها. قبل الدخول بمعرفة تلك الثورة الشكلية، سنتعرف على الرمزية،الرمزية التي كانت المحفز الكبير لتلك التجارب، و التي احدثت ثورة عارمة على مستوى الادب اولا.
بعد تجارب آندريه إِنطوان ونزعته الواقعية في الإخراج،أراد الكثير من المخرجين الخروج من معطف الواقعية، أي البحث عن شكل مسرحي آخر بعيدا عن القواعد الثابتة التي نادى بها آندريه انطوان.
أرادوا إيجاد عوالم أشد إيهاما وأكثر جمالا من واقعية تتكرر وتُشاهد كل يوم من خلال روتين الحياة للإنسان العادي، لتعرض مجددا على الخشبة.
هذا ما انتبه إليه الرمزيون من خلال طروحاتهم القائلة بإن الطبيعية تقتل الإيهام وتقتل الصور التي يمكن أن تنتجها الذاكرة الجمالية، وهكذا خطى المسرح خطوات مهمة وجريئة في عدم محاباته للواقعية والانطلاق إلى عوالم الشعر الخلاقة، ظهر (آدولف ابيا، كوردن كريك وجان لوي بارو) وغيرهم من الذين اهتموا بالجانب البصري امثال (الالماني ماكس راينهارت والروسي فسفورد مايرخولد وبرخت والفرنسي جاك كوبو والالماني اورين بسكاتور ومن ثم تجارب ارتو وكروتوفسكي واوجينو باربا).
نشأت الرمزية في اواخر القرن التاسع عشر في فرنسا، قادها مثقفون لاينتمون الى عالم المسرح امثال(مالارميه، رييود،فولان وبودلير)، رفضوا ما جاء به رجال المذهب الطبيعي والواقعي، وذهبوا الى ابعد ما يطرحوه، وجدوا بان الحقيقة ليس بصورتها الصادقة، بل في عمق الاشياء التي تزخر بها الحقيقية، ولهذا (رفض الرمزيون محاكاة الطبيعة الملموسة لانها تُحجب العالم الروحي خاصة وانها تعتبر ان الجمال هو جمال الروح وليس الجمال المحسوس، وان إدراك الحقيقة لايكون عن طريق العقل وانما عن طريق الخيال القادر وحده على استنباط المعاني الرمزيه الكامنه في الظواهر الحسية.
ذهب الرمزيون بطروحاتهم الى ذلك العمق من اجل استفزاز المخيلة واقلاقها، اعلنوا عن رفضهم لكل الجهوزية التي تتناول الواقع باستنساخ وتاتي به الى المسرح،لان هذه ليست مهمة الادب والفنون، بل مهمته، هي مهمة اخرى، اثارة الاسئلة واستفزاز المخيلة والتحليق بالخيال، والابهار بهذا التحليق الذي يسعى لتطوير الذائقة والحس الفني.
عدم التعاطي مع المتفرج بعقلية سلبية ساذجة، من خلال طرح كل الاشياء امامه، وبالتالي يحوله الى عقل جامد، عقل غير مفكر ومفسر لما يطرح امامه، لهذا سعى الرمزيون لترميز طروحاتهم وقصائدهم، في بعض الاحيان كانت رموزهم وصورهم البيانية مليئة بالالغاز والصور السوداوية، بحيث وصلت الكثير منها الى حد التطرف في الرمز، ولقد اثار هذا التطرف والاغراق في الرمزية الكثير من اللغط من الرمزيين انفسهم وخاصة كتاب المسرح، رغم ان المسرحية والقصة اسهل بكثير للقارئ والمتلقي، لانه لايجد فيها ذلك الاسراف والاغراق في الرمزية والذي حول القصيدة او اللوحة الى مجموعة طلاسم تحتاج الى قواميس لترجمتها، خالفهم في ذلك الكثير من الكتاب امثال ابسن وميترلنك وهاويتمان وادمون روستان وسودرمان واخرين. منطلقين بذلك لرفضهم لكل ما هو طبيعي وواقعي ومهما كان شكل الادب الموضوعي، اجتماعيا، او اخلاقيا، كان هدف الرمزيين هو الترف الفكري واللذة الفكرية المجردة، تلك اللذة التي تاتي من خلال الاسئلة التي تقلق عين وذهن المتلقي، ان كانت لوحة او قصيدة، كان مبدئهم هو الفن من اجل الفن،و الصورة الجمالية من اجل الصورة الجمالية.
لكن على صعيد الاخراج والعرض المسرحي، ركز الرمزيون ايضا على الجوانب الروحية، العالم الروحي، حاولوا التنقيب لايجاد خصوصية للعرض المسرحي، ان كان على مستوى تصميم المنظر المسرحي، او الاضاءة ومساقطها، الغاء الاضاءة من مقدمة المسرح(دعا الرمزيون الى ابراز جمالية النص، ومن هذا المنطلق رفضوا كل مايمكن ان يشوش عملية التواصل الشعري التي تتم اساسا عبر الكلام.كذلك حاول الرمزيون من منظور كوني بحت، ان يبتعدوا عن كل ما يحدد الفضاء المسرحي كمكان جغرافي وتاريخي، لذلك كانت الخشبة لديهم غالبا منصة فارغة من الديكور وتلعب الاضاءة فيها دورا مهما، ويشغلها العنصر الاساسي الذي لايمكن الاستغناء عنه في العرض المسرحي وهو الممثل لانه الوسيط الذي يحمل كلام الشارع).
هذا ما يؤكده ادولف ابيا بإن المسرح يقوم على فنون زمان وفنون مكان،هذان العنصران يستعصيان على التوحيد، فكيف نستطيع ان نبدع منهما عملا فنيا متكاملا، وكذلك كريك الذي سعى لاصلاح شامل للمسرح الانكليزي والاوربي، حين ادار ظهره للواقعية وتخلص من نظام الاجنحة(الكواليس) وكافة الزوائد الاخرى من ستائر وقطع ديكور تقليدية واستغنى عن المناظر المرسومة في عمق المسرح وأضواء مقدمة المسرح، وكذلك الى الغاء الممثل وطالب بدلا عنه بالدمية، مستند بذلك الى شخصية الممثل الذي تستغل المسرح لابراز مواهبه وبالتالي إضعاف العرض، لان كلما كان الممثل مبدعا سيسرق النظارة (فالممثلون يفسدون الكوميديا في راي.. أعني الممثلين الجيدين.. فموهبتهم أعظم من اللازم ومما يحتاج اليه، فتطغي على كل شيء.لا يوجد شيء على خشبة المسرح سوى هم. فشخصيتهم تطمس العمل الذي يقدمونه).
قبل الدخول في عالم ادولف ابيا وكوردن كريك، اللذان قادا ثورة شكلية في منظور الشكل المسرحي على مستوى الضوء والموسيقى والديكور ورسومات المناظر، بعد ان اعتاد المسرح على نقل الواقع فوتغرافيا الى خشبة المسرح، صور لاتستفز المخيلة، بل تساهم في خمولها ومحدوديتها. قبل الدخول بمعرفة تلك الثورة الشكلية، سنتعرف على الرمزية،الرمزية التي كانت المحفز الكبير لتلك التجارب، و التي احدثت ثورة عارمة على مستوى الادب اولا.
بعد تجارب آندريه إِنطوان ونزعته الواقعية في الإخراج،أراد الكثير من المخرجين الخروج من معطف الواقعية، أي البحث عن شكل مسرحي آخر بعيدا عن القواعد الثابتة التي نادى بها آندريه انطوان.
أرادوا إيجاد عوالم أشد إيهاما وأكثر جمالا من واقعية تتكرر وتُشاهد كل يوم من خلال روتين الحياة للإنسان العادي، لتعرض مجددا على الخشبة.
هذا ما انتبه إليه الرمزيون من خلال طروحاتهم القائلة بإن الطبيعية تقتل الإيهام وتقتل الصور التي يمكن أن تنتجها الذاكرة الجمالية، وهكذا خطى المسرح خطوات مهمة وجريئة في عدم محاباته للواقعية والانطلاق إلى عوالم الشعر الخلاقة، ظهر (آدولف ابيا، كوردن كريك وجان لوي بارو) وغيرهم من الذين اهتموا بالجانب البصري امثال (الالماني ماكس راينهارت والروسي فسفورد مايرخولد وبرخت والفرنسي جاك كوبو والالماني اورين بسكاتور ومن ثم تجارب ارتو وكروتوفسكي واوجينو باربا).
نشأت الرمزية في اواخر القرن التاسع عشر في فرنسا، قادها مثقفون لاينتمون الى عالم المسرح امثال(مالارميه، رييود،فولان وبودلير)، رفضوا ما جاء به رجال المذهب الطبيعي والواقعي، وذهبوا الى ابعد ما يطرحوه، وجدوا بان الحقيقة ليس بصورتها الصادقة، بل في عمق الاشياء التي تزخر بها الحقيقية، ولهذا (رفض الرمزيون محاكاة الطبيعة الملموسة لانها تُحجب العالم الروحي خاصة وانها تعتبر ان الجمال هو جمال الروح وليس الجمال المحسوس، وان إدراك الحقيقة لايكون عن طريق العقل وانما عن طريق الخيال القادر وحده على استنباط المعاني الرمزيه الكامنه في الظواهر الحسية.
ذهب الرمزيون بطروحاتهم الى ذلك العمق من اجل استفزاز المخيلة واقلاقها، اعلنوا عن رفضهم لكل الجهوزية التي تتناول الواقع باستنساخ وتاتي به الى المسرح،لان هذه ليست مهمة الادب والفنون، بل مهمته، هي مهمة اخرى، اثارة الاسئلة واستفزاز المخيلة والتحليق بالخيال، والابهار بهذا التحليق الذي يسعى لتطوير الذائقة والحس الفني.
عدم التعاطي مع المتفرج بعقلية سلبية ساذجة، من خلال طرح كل الاشياء امامه، وبالتالي يحوله الى عقل جامد، عقل غير مفكر ومفسر لما يطرح امامه، لهذا سعى الرمزيون لترميز طروحاتهم وقصائدهم، في بعض الاحيان كانت رموزهم وصورهم البيانية مليئة بالالغاز والصور السوداوية، بحيث وصلت الكثير منها الى حد التطرف في الرمز، ولقد اثار هذا التطرف والاغراق في الرمزية الكثير من اللغط من الرمزيين انفسهم وخاصة كتاب المسرح، رغم ان المسرحية والقصة اسهل بكثير للقارئ والمتلقي، لانه لايجد فيها ذلك الاسراف والاغراق في الرمزية والذي حول القصيدة او اللوحة الى مجموعة طلاسم تحتاج الى قواميس لترجمتها، خالفهم في ذلك الكثير من الكتاب امثال ابسن وميترلنك وهاويتمان وادمون روستان وسودرمان واخرين. منطلقين بذلك لرفضهم لكل ما هو طبيعي وواقعي ومهما كان شكل الادب الموضوعي، اجتماعيا، او اخلاقيا، كان هدف الرمزيين هو الترف الفكري واللذة الفكرية المجردة، تلك اللذة التي تاتي من خلال الاسئلة التي تقلق عين وذهن المتلقي، ان كانت لوحة او قصيدة، كان مبدئهم هو الفن من اجل الفن،و الصورة الجمالية من اجل الصورة الجمالية.
لكن على صعيد الاخراج والعرض المسرحي، ركز الرمزيون ايضا على الجوانب الروحية، العالم الروحي، حاولوا التنقيب لايجاد خصوصية للعرض المسرحي، ان كان على مستوى تصميم المنظر المسرحي، او الاضاءة ومساقطها، الغاء الاضاءة من مقدمة المسرح(دعا الرمزيون الى ابراز جمالية النص، ومن هذا المنطلق رفضوا كل مايمكن ان يشوش عملية التواصل الشعري التي تتم اساسا عبر الكلام.كذلك حاول الرمزيون من منظور كوني بحت، ان يبتعدوا عن كل ما يحدد الفضاء المسرحي كمكان جغرافي وتاريخي، لذلك كانت الخشبة لديهم غالبا منصة فارغة من الديكور وتلعب الاضاءة فيها دورا مهما، ويشغلها العنصر الاساسي الذي لايمكن الاستغناء عنه في العرض المسرحي وهو الممثل لانه الوسيط الذي يحمل كلام الشارع).
هذا ما يؤكده ادولف ابيا بإن المسرح يقوم على فنون زمان وفنون مكان،هذان العنصران يستعصيان على التوحيد، فكيف نستطيع ان نبدع منهما عملا فنيا متكاملا، وكذلك كريك الذي سعى لاصلاح شامل للمسرح الانكليزي والاوربي، حين ادار ظهره للواقعية وتخلص من نظام الاجنحة(الكواليس) وكافة الزوائد الاخرى من ستائر وقطع ديكور تقليدية واستغنى عن المناظر المرسومة في عمق المسرح وأضواء مقدمة المسرح، وكذلك الى الغاء الممثل وطالب بدلا عنه بالدمية، مستند بذلك الى شخصية الممثل الذي تستغل المسرح لابراز مواهبه وبالتالي إضعاف العرض، لان كلما كان الممثل مبدعا سيسرق النظارة (فالممثلون يفسدون الكوميديا في راي.. أعني الممثلين الجيدين.. فموهبتهم أعظم من اللازم ومما يحتاج اليه، فتطغي على كل شيء.لا يوجد شيء على خشبة المسرح سوى هم. فشخصيتهم تطمس العمل الذي يقدمونه).
الائتلاف والاختلاف
من الصعب فك الائتلاف بين عمل ادولف ابيا وكوردن كريك، لقد ارتبطت طروحاتهما بمفهومها للمسرح الحديث، هذه الطروحات والمعالجات التي ولجت الى عالم الممثل ومصمم المناظر، والمدير الفني،والموسيقى وكل ما له علاقة بعناصر الشكل المسرحي وادراته، حاول الكثير من النقاد التفريق في اسلوب عملهما لكن دون جدوى، لتقارب رؤيتهما للمسرح الجديد، رغم ان الناقدارثر سيمونس تطرق لتاثيرات ابيا في كتابات وتنظير كوردن كريك وخاصة في محاوراته الاولى والثانية مع المدير الفني والمخرج المسرحي في كتابه (في الفن المسرحي والذي صدر عام 1905)، رغم ان الرجلان لم يلتقيا إلا في عام 1914، لكن في هذا العام كان صداه قد وصل الى مسامع البلدان التي تنتج مسرحا (لقد هز كوردن كريك المسرح العالمي من قبل بما اصطلح ناقد اميريكي على تسميته- الاوامر الصارمة والجريئة- فوضع اسس العودة الى خشبة مسرح خالية ومهيأة للتمثيل،لكن لايمارس على خشبة المسرح سوى الدراما الواقعية).
كان لقاءيهما بالشيء الذي هو اكثر اهمية وهو، رفضهما للواقعية التي تتخذها اغلب المسارح في تقديم عروضها، هذا الرفض هو الذي قادهما للبحث عن مفاتيح لمغاليق العتمة الواقيعة وان كانت على مستوى التصميم للمشاهد المسرحية او طريقة الاخراج، او الاضاءة، العمل على ايجاد معالجات لمساقط الضوء على الخشبة، رغم اختلاف مرجعية كل واحد منهما بالعمل المسرحي، ابيا الذي كان ناقدا ومشاهدا مسرحيا، والذي كان معجبا جدا باعمال فاجنر الموسيقية ودرامياته، ومن ثم سعى لايجاد خصوصية مذهلة اثارت الانتباه لاشتغالاته الدرامية على موسيقى فاجنر، فاجنر وموسيقاه هو من افضى عليه بالسر لتكوين نظريته،(اولاً، لقد تبعت ما اخلته علي بصيرتي، وبعد ذلك فقط كنت ادرك الاسباب التي جعلت من الممكن إقامة نظرية).
كان ابيا رجلا مؤثرا في مجرى تطور الخشة (ابيا فنان اثر عميقا في مجرى تطور الخشبة واتجاه النظرية المسرحية في زمن متاخر).
وكوردن كريك، ينحدر من عائلة فنية ابوه الممثل الانكليزي الكبير (إدوارد وليم) وامه (إليانور أليس اوإلن تيري) أعظم ممثلات المسرح الانكليزي في جميع عصوره، وقد بدا حياته ممثلا في مسرحيات مهمة وهو لازال بعمر صغير.
ارتبط كثيرا اسمي ابيا وكريك معا، بدعوتهم للتخلي عن الفوتوغرافية التي تقدمها المسارح، لان فيها قتل للفن والابداع (فلقد دعو على التخلي عن مبدا التصوير الايقوني للواقع كهدف رئيس للمسرح والى طرح المسرح كفن له مرجعيته الخاصة).
وكذلك من خلال عملها بايجاد المعالجات الجديدة لكل المشاكل التي يعاني منها المسرح انذاك، لم يستطع احد من فك ذلك الارتباط باسلوب عمل كل واحد منهما، انهما صاحبا ثورة اصلاحية في المسرح انذاك، ولانغالي اذا نقول بان معطياتها تستخدم للان، او تبنى على طروحاتهم اغلب الاجتهادات الحديثة بالمسرح، ويعزو ابيا سبب عدم صعوبة التفريق بين عمله مع عمل ابيا (نملك في اعماق ارواحنا الاهتزاز نفسه، الرغبة نفسها، نختلف فقط في طريقة تعبيرنا عنها، وفقا لاختلاف اذواقنا واختلاف ظروفنا، ماذا يهم؟) ،كذلك اتفقا على مصدر الالهام وهو فاجنر وموسقاه، والاهم هو دعوة فاجنر لعمل فني متكامل في المسرح او ما يسمى بالمسرح الشامل، والرؤية الجديدة لفن المستقبل، وهذه احدى اهم الركائز التي اتفقى عليها بدون ان يلتقيا.
ولقد سار ابيا على نفس مسار استاذه وملهمه فاجنر باهتمامه بالاضاءة والضوء حيث يعتبر الاضاءة (من الوسائل التي تُعطي للمكان والممثل قيمة تشكيلية كبيرة، فافرغ الخشبة من الاكسسوار وجعل الاضاءة بديلا عن الديكور).
وكان فاجنر هو اول من فرض العتمة في صالة المتفرجين في العروض التي قدمها في مسرح الاحتفالات في بايروت
كان ابيا رجلا مؤثرا في مجرى تطور الخشة (ابيا فنان اثر عميقا في مجرى تطور الخشبة واتجاه النظرية المسرحية في زمن متاخر).
وكوردن كريك، ينحدر من عائلة فنية ابوه الممثل الانكليزي الكبير (إدوارد وليم) وامه (إليانور أليس اوإلن تيري) أعظم ممثلات المسرح الانكليزي في جميع عصوره، وقد بدا حياته ممثلا في مسرحيات مهمة وهو لازال بعمر صغير.
ارتبط كثيرا اسمي ابيا وكريك معا، بدعوتهم للتخلي عن الفوتوغرافية التي تقدمها المسارح، لان فيها قتل للفن والابداع (فلقد دعو على التخلي عن مبدا التصوير الايقوني للواقع كهدف رئيس للمسرح والى طرح المسرح كفن له مرجعيته الخاصة).
وكذلك من خلال عملها بايجاد المعالجات الجديدة لكل المشاكل التي يعاني منها المسرح انذاك، لم يستطع احد من فك ذلك الارتباط باسلوب عمل كل واحد منهما، انهما صاحبا ثورة اصلاحية في المسرح انذاك، ولانغالي اذا نقول بان معطياتها تستخدم للان، او تبنى على طروحاتهم اغلب الاجتهادات الحديثة بالمسرح، ويعزو ابيا سبب عدم صعوبة التفريق بين عمله مع عمل ابيا (نملك في اعماق ارواحنا الاهتزاز نفسه، الرغبة نفسها، نختلف فقط في طريقة تعبيرنا عنها، وفقا لاختلاف اذواقنا واختلاف ظروفنا، ماذا يهم؟) ،كذلك اتفقا على مصدر الالهام وهو فاجنر وموسقاه، والاهم هو دعوة فاجنر لعمل فني متكامل في المسرح او ما يسمى بالمسرح الشامل، والرؤية الجديدة لفن المستقبل، وهذه احدى اهم الركائز التي اتفقى عليها بدون ان يلتقيا.
ولقد سار ابيا على نفس مسار استاذه وملهمه فاجنر باهتمامه بالاضاءة والضوء حيث يعتبر الاضاءة (من الوسائل التي تُعطي للمكان والممثل قيمة تشكيلية كبيرة، فافرغ الخشبة من الاكسسوار وجعل الاضاءة بديلا عن الديكور).
وكان فاجنر هو اول من فرض العتمة في صالة المتفرجين في العروض التي قدمها في مسرح الاحتفالات في بايروت
وظيفة المؤلف
يجد ابيا بان إرادة المؤلف المسرحي هي اللغة الفنية الموحدة التي يسترشد بها الديكور، وهنا يختلف تماما مع كوردن كريك وهذا هو اهم اختلاف بين الرجلين، الذي يجد بان المؤلف من خلال كتابته لتعليماته وملاحظاته وارشاداته، فيه تجاوز على عمل الاخرين، لانه بهذا سيصادر روح المبادرة والابداع، وسيكونون أسيري تلك الارشادات، وهذا فيه قتل للذائقة الفنية.
من جانب اخر يرى ابيا بان روح الموسيقى هي التي تعطي روح للدراما، والتي تحدد حركات التكوين البصري من انسجام وتتابع، في تواجد الموسيقى سيكون هناك تتابع هاروموني مترابط الاجزاء والانسجام بين عناصر الاخراج التشكيلية، هنا نلاحظ اختلاف جزأي بين طريحمها، من خلال وسيلة الطرح، وهذه تحدث عنها ابيا سابقا بأنهم يختلفون في طريقة التعبير وفقا لاختلاف أذواقهم وظروفهم،لكنهم اتفقا معا على وحدة التجانس والانسجام لانها الطريقة الوحيدة لتحقيق الادهاش البصري.
من جانب اخر يرى ابيا بان روح الموسيقى هي التي تعطي روح للدراما، والتي تحدد حركات التكوين البصري من انسجام وتتابع، في تواجد الموسيقى سيكون هناك تتابع هاروموني مترابط الاجزاء والانسجام بين عناصر الاخراج التشكيلية، هنا نلاحظ اختلاف جزأي بين طريحمها، من خلال وسيلة الطرح، وهذه تحدث عنها ابيا سابقا بأنهم يختلفون في طريقة التعبير وفقا لاختلاف أذواقهم وظروفهم،لكنهم اتفقا معا على وحدة التجانس والانسجام لانها الطريقة الوحيدة لتحقيق الادهاش البصري.