الكوميديا دي لا رتي
الكوميديا دي لارتي او كما تم ترجمتها الى اللغة العربية تحت اسماء مختلفة مثل: كوميديا الفن، كوميديا الصنعة، الكوميديا الشعبية، كوميديا الارتجال او الكوميديا الايطالية، وكل هذه الترجمات لها جذور في هذا الفن حيث خرجت الاسماء لتعبر عن خاصية معينة يتمتع بها هذا الفن الذي سنتعرف على اصوله وميزاته في هذا المبحث.
من الشائع ان الكوميديا دي لارتي قد بدأت في ايطاليا سنة 1550م اي في منتصف القرن السادس عشر وانتشرت لفترة تقارب المائتي عام في ايطاليا امتدادا الى شمال اوروبا، حيث تمتعت بشهرة متفاوتة بين الصفوف الشعبية وانتهاءا لاعتماد عروضها وتألقها في البلاطات الملكية،ولكن المتتبع لهذا الفن يجد ان جذوره لم تبدأ في القرن السادس عشر بل كانت اعادة لفن ظهر في الحقبة الرومانية اي ما بين القرنين الثالث الى الاول قبل الميلاد وهو ما كان يسمى التمثيلية " الاتيلانية". التمثيلية الاتيلانية هي عبارة عن تمثيلية درامية كانت تقدم باللغة الاوسكية الخاصة بمجتمع اتيلا وتم جلبها الى روما بجميع خصائصها، وهي عبارة عن مجموعة من اللوحات تتصل فيما بينها بخط رئيسي مشترك دون صياغة تحقيق كلي متماسك للعناصر المسرحية. في هذا الفن يرتكز التأثير الضاحك والمضحك بصورة خاصة على اداء الممثل لدوره على حركته الايمائية وعلى عناصر مرتجلة، فاللغة خشنة ملونة، فعالة بفعل طابعها الشعبي. كان الممثلون يستخدمون الاقنعة وهي اقنعة شخصيات ثابتة نمطية ومشهورة في حينها مثل شخصية ماكوس(الشخص الغبي الابله) وبابوس(العجوز المخبول) ودوسينوس (الاحدب) الخ. كان سكان القرى والريف يقومون بتمثيل هذه الشخصيات والقصص، ولكن لم يكتب لهذه التمثيليات الاستمرار بسبب المطالب السياسية التي كانت تطرح من خلال تلك التمثيليات حيث تمكن القائد الروماني " سيلا" واثر حملة دامية من القضاء على القائمين عليها والحد من انتشارهم الى ان تحول ممثلوها للعمل في فواصل الكوميديات والتراجديات المنتظمة. لم تكتف الانظمة المتعاقبة بذلك بل بقيت مطاردة هؤلاء الممثلين طوال العصور المظلمة ويعتقد بأنهم قد لجأوا الى بيزنطة وعملوا في المسرح هناك. قبيل عصر النهضة قاموا بالعودة الى موطنهم ايطاليا ليؤسسوا فنا جديدا قديما تحت اسم "الكوميديا دي لارتي". كان هذا النوع استمرارا للقصة الاتيلانية مع فارق اساسي وهو ان الكوميديا دي لارتي اكتفت بمواضيع من الحياة الاجتماعية الحياتية وابتعدت عن النقد السياسي اللاذع الذي كان مطروحا في التمثيليات الاتيلانية. بدأ العاملون في "الكوميديا دي لارتي" بتظيم انفسهم في فرق وجمعيات محترفة ويقومون بتقديم عروضهم في الساحات العامة والمصطبات المفتوحة. لقد استمرت على المستوى الشعبي زمنا معينا قبل ان تنتقل الى البلاط حيث يذكر لنا " تشيلدن تشيني" في كتابه (تاريخ المسرح في ثلاثة الاف سنة) الجزء الاول" بأن الفرق المسرحية قبلت في البلاط عام 1575م، والسبب في ذلك بأن البلاطات كانت قد تعبت من تقليد المسرحيات القديمة والفياضانات الدرامية الهزيلة لكتاب مسرحية " القناع" ومنذ ذلك الوقت ولمدة قرن ونصف اصبحت الفرق الايطالية للكوميديين المحترفين هي المفضلة لدى جميع البلاطات".
انكارتا انسيكلوبيديا(Encarta Encyclopedia) تقوم بتعريف هذا الفن بأنه "فن مسرحي يعتمد على عدم وجود نص درامي تقليدي،فقط يكون الاعتماد على هيكل سيناريو وجد مسبقا ويعلق كاتب السيناريو الاوراق في الاجنحة ليعرف كل ممثل المدخل والمخرج له بحيث يسهل لكل ممثل الوصول اليها، وانعدد الممثلين في كل مسرحية يتراوح من 6-12 حيث يقومون بابتكار الباقي من تلقاء انفسهم اي يرتجلون حواراتهم الكوميدية بحيث تشمل الالعاب البهلوانية والغناء والرقص، وكما يعتمدون على تشخيص شخصيات ثابتة تمطية".لابد من التوضيح بأن الممثل يقوم بتمثيل شخصية واحدة ودورا واحدا طوال حياته الفنية مثل شخصية "بانتلون"او "كابيتانو"او "اليكنو"او "العاشق"ومع ان هذه هي القاعدة الا ان بعض الممثلين الكبار والمتميزين في حينه كسروا هذه القاعدة وقاموا بتمثيل اكثر من شخصية او اوجدوا للشخصية الواحدة عشرات الاوجه المختلفة، مثال على ذلك "فرانسيسكو اندريني"قائد فرقة "غيلوزي" عام 1575م، حيث كان قد مثل شخصية "الكابتن"الاسباني وخلق لها عشرات الاوجه المختلفة، كما مثل شخصية "العاشق".من الملفت للنظر أن جميع الممثلين يرتدون الاقنعة (نصف قناع) باستثناء شخصية العاشق فهي دائما تمثل بوجه الممثل الطبيعي دون غطاء. لا بد من الاشارة بأن هذه الاقنعة تعبر عن شخصيات نمطية ومقسمة الى شخصيات جادة واخرى هزلية وهذا يذكرنا بالمسرح الاغريقي القديم مع الاختلاف بأن القناع في المسرح الاغريقي يغطي كامل الوجه. اما عن الشخصيات فعند مشاهدتها يتعرف المشاهد على سماتها المنمطة مباشرة واذكر امثلة لتوضيح سمات هذه الشخصيات.
بنتالون: هو الاب او الزوج المخدوع وهو عجوز من السهل خداعه، يكفي ان يكون زوجا لفتاة صغيرة، كما نجده ايضا التاجر الذكي الساذج الثرثار، انه عاشق بطريقة متهافتة ودائما يتم خداعه بقيام ابنه او خادمه بارتداء ثياب محبوبته، انه نموذج الاحمق سهل الخداع، واطلق عليه اسم "بنتالون"لانه دائما يرتدي بنطالا طويلا.
الخدم او الزني (Zanni):المهرج وهما عادة اثنان ويطلق عليهما اسم زني انهما اعادة جديدة لدور يمثيليهما
الكوميديا دي لا رتي
الكوميديا دي لا رتي
Comedia Del Arte
الكوميديا دي لارتي او كما تم ترجمتها الى اللغة العربية تحت اسماء مختلفة مثل: كوميديا الفن، كوميديا الصنعة، الكوميديا الشعبية، كوميديا الارتجال او الكوميديا الايطالية، وكل هذه الترجمات لها جذور في هذا الفن حيث خرجت الاسماء لتعبر عن خاصية معينة يتمتع بها هذا الفن الذي سنتعرف على اصوله وميزاته في هذا المبحث.
من الشائع ان الكوميديا دي لارتي قد بدأت في ايطاليا سنة 1550م اي في منتصف القرن السادس عشر وانتشرت لفترة تقارب المائتي عام في ايطاليا امتدادا الى شمال اوروبا، حيث تمتعت بشهرة متفاوتة بين الصفوف الشعبية وانتهاءا لاعتماد عروضها وتألقها في البلاطات الملكية،ولكن المتتبع لهذا الفن يجد ان جذوره لم تبدأ في القرن السادس عشر بل كانت اعادة لفن ظهر في الحقبة الرومانية اي ما بين القرنين الثالث الى الاول قبل الميلاد وهو ما كان يسمى التمثيلية " الاتيلانية". التمثيلية الاتيلانية هي عبارة عن تمثيلية درامية كانت تقدم باللغة الاوسكية الخاصة بمجتمع اتيلا وتم جلبها الى روما بجميع خصائصها، وهي عبارة عن مجموعة من اللوحات تتصل فيما بينها بخط رئيسي مشترك دون صياغة تحقيق كلي متماسك للعناصر المسرحية. في هذا الفن يرتكز التأثير الضاحك والمضحك بصورة خاصة على اداء الممثل لدوره على حركته الايمائية وعلى عناصر مرتجلة، فاللغة خشنة ملونة، فعالة بفعل طابعها الشعبي. كان الممثلون يستخدمون الاقنعة وهي اقنعة شخصيات ثابتة نمطية ومشهورة في حينها مثل شخصية ماكوس(الشخص الغبي الابله) وبابوس(العجوز المخبول) ودوسينوس (الاحدب) الخ. كان سكان القرى والريف يقومون بتمثيل هذه الشخصيات والقصص، ولكن لم يكتب لهذه التمثيليات الاستمرار بسبب المطالب السياسية التي كانت تطرح من خلال تلك التمثيليات حيث تمكن القائد الروماني " سيلا" واثر حملة دامية من القضاء على القائمين عليها والحد من انتشارهم الى ان تحول ممثلوها للعمل في فواصل الكوميديات والتراجديات المنتظمة. لم تكتف الانظمة المتعاقبة بذلك بل بقيت مطاردة هؤلاء الممثلين طوال العصور المظلمة ويعتقد بأنهم قد لجأوا الى بيزنطة وعملوا في المسرح هناك. قبيل عصر النهضة قاموا بالعودة الى موطنهم ايطاليا ليؤسسوا فنا جديدا قديما تحت اسم "الكوميديا دي لارتي". كان هذا النوع استمرارا للقصة الاتيلانية مع فارق اساسي وهو ان الكوميديا دي لارتي اكتفت بمواضيع من الحياة الاجتماعية الحياتية وابتعدت عن النقد السياسي اللاذع الذي كان مطروحا في التمثيليات الاتيلانية. بدأ العاملون في "الكوميديا دي لارتي" بتظيم انفسهم في فرق وجمعيات محترفة ويقومون بتقديم عروضهم في الساحات العامة والمصطبات المفتوحة. لقد استمرت على المستوى الشعبي زمنا معينا قبل ان تنتقل الى البلاط حيث يذكر لنا " تشيلدن تشيني" في كتابه (تاريخ المسرح في ثلاثة الاف سنة) الجزء الاول" بأن الفرق المسرحية قبلت في البلاط عام 1575م، والسبب في ذلك بأن البلاطات كانت قد تعبت من تقليد المسرحيات القديمة والفياضانات الدرامية الهزيلة لكتاب مسرحية " القناع" ومنذ ذلك الوقت ولمدة قرن ونصف اصبحت الفرق الايطالية للكوميديين المحترفين هي المفضلة لدى جميع البلاطات".
الرومانيين.سانيون:عرف في عصر النهضة تحت اسماء مختلفة مثل: "ارليكنو"، "بريغلا"، "سكابينو"و "بوكشيني" ومواصفات الخادم "ارليكنو": خادم داهية ذكي لاحد الكهول الحمقى المتقدمين في السن، دائما يساعد الشبان في مخططاتهم كما ينجح في خداع "بنتالون" وملابسه طقم مخطط بمربعات. واما "بريغلا"فهو الخادم الثاني وهو من النوع الظالم اللئيم الشهواني فاقد الضمير.
ان الامثلة كثيرة الا انني سانهيها بالحديث عن شخصية "كاباتينو" وهو الجندي الذي يتفوه بمفاهيمالشجاعة ولكنها تزول بسرعة، وهويروي دائما قصصا عن بطولاته وجرأته المنقطعة النظير ولكنه يجبن عند اي فعل حقيقي، وتطورت هذه الشخصية سريعا لتصبح شخصية اللورد الاسباني المدعي.
وهكذا فان كل شخصية من شخصيات الكوميديا دي لارتي لها مواصفاتها وسماتها الثابتة فاذا ما عرفتها فلن تخفى عليكولن تختلففي اي عرض تشاهده الامن خلالجودة الممثل ومدى تسلحه بأدواته القائمة على امتلاكه لرزمة كبيرة من الامثال والتهكمات والتشخيصات والالغاز والحزازير والمحفوظات والحكايات الخيالية والاغاني والرقص والشقلبات،فكلما كان مخزون الممثل اوسع حصل على شهرة اكبر واستمر عمله لفترة اطول دون التهديد باستبداله مع ان هذا نادرا ماكان يحدث، فمن المعروف بأن ممثلي هذا النوع من الفن هم ممثلون محترفون ويمكن الاستدلال على ذلك من كلمةArte التي تعني الصنعة كما يقول د. رشاد رشدي في كتابه (نظرية الدراما من ارسطو الى الان) وهذه الكلمةكانتقد استعملت في اسمهم لتمييزهم عن الممثلينالهواةالذينكانوا يعملون في مسرحيات ميكافيلي ومعاصريه في القرن الخامس عشر ميلادي والتي عرفت كوميدياهم باسم كوميديا الايروديتا(Erudite). باختصار "الكوميديا دي لارتي" هيكوميديا الممثل المحترف.
انتقل في نهاية هذا البحث المصغر للحديث عن تأثيرات وانعكاسات هذا الفن على كبار كتاب المسرح والممثلين، فقد لوحظ في كتابات الكاتب المسرحي الانجليزي الكبير وليام شكسبير بأنه قد تأثر بشخصيات "الكوميديا دي لارتي"فعلى سبيل المثال وكما يقول د. رشاد رشدي في كتابه المذكور اعلاه بأن بأن موضوع"الاركادي انكانتا" وهي احدى الانماط الشائعة في الكوميديا دي لارتي قريبة الشبه من موضوع مسرحية "العاصفة"، كما ان شخصية "جريميو"في مسرحية "ترويض النمرة" ايضا لشكسبير هي ايضا قريبة الشبه من شخصية "بنتالون"الشخصية الشديدة البخل-احدى الشخصيات المعروفة في الكوميديا دي لارتي. كما يعترفالفرنسي "موليير" كاتب الكوميديا الاجتماعية في القرن السابع عشر الميلادي بأن الكوميديا دي لارتي كانت مصدرا للوحي والالهام في مسرحياته ونذكر في هذا المجال مسرحيته الشهيرة "البخيل". اماعن تأثير"الكوميديا دي لارتي"في انجلترا فقد ظهر في القرن الثامن عشر من خلال مسرح البانتومايم(Pantomime) الذي انتجه "جون ويفر"في انجلترا عام 1702م في مسرح "دروري لين".
هنا اجد انه لا بد من التوضيح بأن فن البانتومايم الذيبدأ في القرن الثامن عشر وهو فن يعتمد على الكلام والرقص والايماءاتوهو يختلف عنفن المايم(Mime) الذي بدأ في القرن الخامس قبل الميلاد وهو فن التمثيل الصامت. ولا بد من الذكر بان هذا الفنقد اثر ايضا في الممثل السينمائي الشهير "شارلي شابلن"فعلى سبيل المثال العصى التي كان يستخدمهاوالتي كانت تلازمة هي اداة مستعارة من الادوات الملاصقة لبعض شخصيات "الكوميديا دي لارتي"وكان يطلق عليها حينها (Slapstick Routine).
في الختام، فان الحديثهناعن هذا الفن لا يمكن تغطية جميع جوانبه في بحث محدودولكنيمكن اعتبار ما تقدم عبارة عناضاءة تعطي القارئفكرة عن هذا الفن، للاستزادة يمكن قراءة الكتب المذكورة اعلاه او مشاهدة احدى المسرحيات التي ما زالت تقدم حتى يومنا هذا. لكن لا بد من الاشارة الى ان هذه الاعمالوان كانت تحقق المتعة والترفيه الخفيف عن النفس فانها تفتقد الى اي قيمة في مضامينها باستثناء حرفية ممثليها وهي في واقعنا المعاصر تشبه الى حد كبيرالكثير منالكوميديا العربيةالرائجةوتحديدا العروض الكوميدية المصرية، حيث يتم خروج الممثل عن النص، اوما ندعوه بالارتجال.
من الملاحظ بأن هذه الاعمال قادرة على استقطاب العدد الاكبر من الجمهور مقارنة بالاعمال الادبية، وكأن الصراع بين المسرحيات الادبية والمسرحيات الشعبية دائم منذ نشأة المسرح الى الان، حيث تنتصر المسرحية الشعبية على الادبية في قدرتها على استقطاب الجماهير.وارىانهلا بد للباحثين في المسرح من دراسة هذه الظاهرةحتى يصلوا الى معادلة وسطية بين الجماهيري(الشعبي) والأدبيوالا بقي الحال لصالح متعة الترفيه السطحي على حساب متعة العقل والقلب معا.